سياسة

“إتفاق دمشق”.. نزول للجولاني عن الشجرة وولادة الحكم الذاتي للسويداء

خاص أحوال

في صفقة هي الأكثر إثارة للجدل منذ وضع زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني رئيس يده على السلطة في دمشق، فقد وجد أخيراً في اتفاق دمشق حول السويداء والذي تم التوصل اليه برعاية أردنية – أميركية السلم الذي سيُنزله عن الشجرة العالية التي تسلّقها بعد مجازر السويداء، لكن هذا السلم لم يكن من صنعه، بل كان نتاج ضغوط دولية مكثفة وتهديدات صريحة باستئناف الضربات إذا تأخر في التنفيذ.

تبليغ توماس باراك وللأردنيين
لم يكن اتفاق دمشق مفاجئاً للجولاني بل جاء كترجمة لأرضية إتفاق باريس الذي تأخر في تنفيذه، ووفقاً لمصادر موثوقة، تم إبلاغ الجولاني عبر قنوات أردنية ودولية – رسالة واضحة من الدبلوماسي الأميركي توماس باراك – مفادها أن أي تأخير في التنفيذ سيعني استئناف الضربات المكثفة على مواقع تجمع عناصره ومنشآته العسكرية . هذه الرسالة كانت كافية لدفعه لقبول الصفقة التي تُجبره على التنازل عن أحلام التوسع وتقبل واقع جديد.

البند الأهم: الحكم الذاتي للسويداء أصبح حقيقة
قلب الاتفاق يتمحور حول اعتراف دولي غير مسبوق بالحكم الذاتي الكامل لمحافظة السويداء، حيث:
· اللجنة القانونية العليا ستواصل إدارة شؤون المحافظة دون عوائق.
· الشرطة المحلية ومجلس المحافظة سيكونان هما السلطتان التنفيذيتان الوحيدتان ومن ابناء المحافظة فقط .
· كل المؤسسات الخدمية والإدارية ستخضع لإدارة أبناء السويداء دون تدخل مركزي.
· هذا البند لم يعد مجرد تطلع محلي، بل أصبح مضموناً بضمانات دولية تُشرِف على تنفيذه.

سحب السلاح الثقيل: نزع أسنان الجنوب

في بند يهدف إلى تغيير موازين القوى في المنطقة:

· يتم سحب جميع الآليات الثقيلة والأسلحة المتوسطة من كامل الجنوب السوري (درعا، القنيطرة، ريف دمشق).
· استثناء وحيد: السويداء تحتفظ بسلاحها الكامل (ثقيل ومتوسط وفردي) لحماية أمنها الذاتي.
· هذه الخطوة تُجرد فصائل “سلطة الأمر الواقع” من قدرتها على شن هجمات عسكرية، وتُعيد تشكيل الخريطة الأمنية لصالح نموذج السويداء.

التأويلات المضللة: محاولة يائسة للتعمية

ما تصدره الصفحات والوسائل الإعلامية الموالية لـ”سلطة الأمر الواقع” من تأويلات مغلوطة حول الاتفاق ليس سوى:

· محاولة لإنقاذ ماء الوجه بعد خسارة استراتيجي كبرى.
· تعمية عن حقيقة أن اتفاقاً دولياً قد حسم أمر الجنوب لصالح نموذج اللامركزية والحكم الذاتي.
· إدراكهم أن سحب السلاح الثقيل يعني نهاية مشروعهم العسكري في المنطقة.

 صفقة الجولاني.. انتصار للسويداء وضربة للهيمنة

الاتفاق ليس انتصاراً للجولاني – الذي نزل عن شجرته مكرهاً  بل هو:

1. انتصار تاريخي لأهل السويداء الذين حصلوا على ضمانات دولية بحكم ذاتي غير مسبوق.
2. ضربة قاضية لمشروع “الهيمنة المسلحة” في الجنوب السوري.
3. دليل أن الإرادة الدولية الجادة قادرة على فرض حقائق جديدة* على سلطة الأمر الواقع في دمشق .

الرسالة الآن باتت واضحة: العصر الجديد في سوريا هو عصر الحكم الذاتي والضمانات الدولية، وليس عصر السيوف والفتاوى، والسويداء هي أولى المحطات في هذا المسار.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى